الأثر النفسي للرضا

 الأثر النفسي للرضا




متابعة / عزيزة مبروك


من كتاب علم النفس في القران الكريم .... سيدنا إبراهيم يخاطب ربه بقوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة: 260] إذن يطلب المزيد من الاطمئنان والإيمان. 


وفي مناسبة أخرى نجد أن الله يوحي لإبراهيم أن يتأمل في السماء والأرض لماذا؟ ليزداد يقيناً بالله تعالى يقول تبارك وتعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) [الأنعام: 75].


لذلك يا أحبتي: هل تشعرون بالحاجة لتأمل خلق الله؟ هل تحسّون دائماً بأنه يجب عليكم أن تحفظوا كتاب الله وتتدبّروا آياته؟ وهل تعتقدون في داخلكم أن القرآن هو أهم شيء في حياتكم؟

أظن بأن الإجابة لا! لأن الإجابة لو كانت بنعم فليس هناك مشكلة.. المشكلة أن ظروف الحياة وهموم المجتمع والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد شغلت بالكم وأخذت حيزاً كبيراً من تفكيركم ولم يعد هناك خلية واحدة في دماغكم تتسع لعلوم القرآن أو علوم الكون.


لذلك إخوتي وأخواتي أقول لكم ينبغي قبل كل شيء أن تغيروا نظرتكم إلى هذا القرآن و تعيشوا في كل لحظة مع القرآن 


فأن لو درَّبتُ نفسك على ذلك  سوف تحس بسعادة لا توصف. تخيلوا أن إنساناً عندما يرى أحلاماً تكون حول القرآن وعندما يستيقظ من نومه يفكر في كلام الله وعندما يجلس في أي مكان يرى من حوله أشياء تذكره بالله تعالى هل تتصورون أن مثل هذا الإنسان يمكن أن تصيبه الهموم أو المشاكل والله تعالى ينادي ويقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].


اعلم السادة الأفاضل أن مجرد الإستماع إلى القرآن هو جهاد في سبيل الله!! وأن مجرد التأمل في خلق الله هو جهاد أيضاً وأن تدبر القرآن هو جهاد واعلم أن أكبر أنواع الجهاد على الإطلاق الجهاد بالقرآن كيف؟ أن تتعلم آية من القرآن مع تفسيرها وإعجازها ثم توصلها إلى من يحتاجها من المؤمنين أو غيرهم! هذا هو الجهاد الذي أمر الله نبيه بتطبيقه في بداية دعوته إلى الله فقال له: (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) [الفرقان: 52] قال ابن عباس: أي بالقرآن.


وكيف يكون الجهاد بالقرآن؟ من خلال تعلم معجزاته وعجائبه وإيصالها للآخرين حاول أن تتعلم كل يوم آية واحدة فقط مع تفسيرها العلمي بما أننا نعيش في عصر العلم ثم فكر بطريقة إيصالها لأكبر عدد ممكن من الناس وانظر ماذا ستكون النتيجة!


إن الإحساس بأنك كنت سبباً في هداية إنسان هو أهم إحساس تمر به، فهو يعطيك نوعاً من القوة والثقة بالنفس بل ويعطيك قدرة خفية على النجاح في الحياة وهذا الكلام عن تجربة طويلة. 


إن علماء النفس اليوم يعترفون بأن معظم الاضطرابات النفسية التي يعاني منها كثير من الناس إنما سببها "عدم الرضا" عدم الرضا عن الواقع، عدم الرضا عن المجتمع عدم الرضا عن الزوجة أو الزوج أو الرزق أو الحالة الصحية ....


 ويؤكد العلماء "علماء البرمجة اللغوية العصبية" أن الأفراد الأكثر رضاً عن أنفسهم وواقعهم هم الأكثر نجاحاً في الحياة.


والعجيب أخي القارئ أن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام علمنا كيف نرضى ونقنع أنفسنا بالرضا كل يوم! فقد كان النبي يقول: (رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) من قالها حين يمسي وحين يصبح كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!! سبحان الله!


فإذا كان الله سيرضي قائل هذه الكلمات يوم القيامة وهو في أصعب المواقف ألا يرضيه في الدنيا؟ وتأملوا معي كيف يركز النبي عليه الصلاة والسلام على فترة المساء والصباح (حين يمسي وحين يصبح) لماذا؟


لقد كشف علماء النفس أن العقل الباطن يكون في أقصى درجات الاتصال مع العقل الظاهر قبيل النوم وبعيد الاستيقاظ ولذلك فإن هاتين الفترتين مهمتين جداً في إعادة برمجة الدماغ والعقل الباطن وعندما نردد هذه العبارة: (رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) إنما نعطي رسالة لدماغنا بضرورة الرضا عن النفس وعما قسمه الله لنا


 فالرضا بالله يعني الرضا بكل ما قدره الله من رزق وقضاء وقدر وغير ذلك من أحداث تتم معنا في حياتنا اليومية.


والرضا عن الدين الذي اختاره الله لنا وهو الإسلام يعني الشيء الكثير، فهو يعني أننا سنكون من الفائزين يوم القيامة إن شاء الله وأن مشاكل الدنيا مهما كانت كبيرة فإنها تصبح صغيرة بأعيننا إذا تذكرنا نعمة الإسلام علينا وإذا تذكرنا أن الإسلام لا يأمرنا إلا بما يحقق لنا السعادة وهذا يعني أننا ينبغي أن نلتزم بتعاليم هذا الدين الحنيف.


إن الرضا عن كتاب الله تعالى يعني أن نقتنع بكل ما جاء فيه، وأن تصبح آيات القرآن جزءاً من حياتنا وأن نرضى به شفاء لنا يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57]. ويعني أن نفرح برحمة الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].


والرضا عن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يعني أن نرضى به نبياً ورسولاً ورحمة وشفاء لنا ويعني كذلك أن نطبق كل ما أمرنا به عن قناعة ومحبة وأن ننتهي عن كل ما نهانا عنه. 


بالنتيجة أحبتي إذا أردتم أن تشعروا بالسعادة في كل لحظة من حياتكم فما عليكم إلا أن تتوجهوا إلى الله بإخلاص أن تتوكلوا على الله في كل أعمالكم أن تسلموا الأمر كله لله وأن تضعوا همومكم ومشاكلكم بين يدي الله تعالى فهو القادر على حلها... 


أن تحسوا بأن الله قريب منكم بل أقرب من أنفسكم إليكم أن تغيروا نظرتكم إلى الله تعالى وتقدّروا هذا الخالق العظيم حقّ التقدير أن تستيقنوا بأن الله يرى كل حركة تقومون بها ويسمع كل همسة أو كلمة تتحدثون بها ويعلم كل فكرة تدور في رأسكم...

هذا هو الطريق نحو الرضا عن النفس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

،مُشٌ مُسَمَّحَاكِ

تستقبل تعليم الإسماعيلية فريق التقييم والمتابعة بمنظمة اليونيسيف..

الريس المؤمن في الصعيد